الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

رغم كل شىء ...سعداء !

سُعداء رغم شقائنا بالحَياة، ورغم ما ينتابنا من كدر يعكر صفونا بين الحين والآخر،
سُعداء بحياتنا وإن تضَخمَت في داخلنا المُكدرات والمنغصات، تتضخم لضعفنا في مواجَهتها، ولأننا لا نمتص صَدمتها لذلك نتذمَّر ونمتعِض، ونقابلُ وجه الحَياة الصَّبوح بوجه عَبوس، وننسى أنَّ كل ماحولنا هو مُلكنا،ألسنا أحرارا؟ الحُرُّ بعقله المُستنير أقوى وأسعد من السَّجين بأفكاره الهدامَة وأوهامِه السَّوداء، ولذلك فنحن أفضل حالا وأسعد بالا،لنقولها بكل تفاؤل: إننا سُعداء على تفاوتٍ واختلاف، إذ ليس للأشياء منتهى، ولا للأحلام نهاية، ولا للأماني سَماء، فالمتفائلُ لو اصطدم بسَدٍ منيع فسيتجاوزه ويقتحمه، أما المتشائمُ فلو تعثرَ بحَجَرة صغيرةٍ فإنه سَيعودُ القهقرى وسيتأزم أكثر، وإحساسنا هو مَن يُحَدِّد لنا الطريق الذي نختار، والمُؤمن يَستضيء بنور الله، وهوذاته نور العقل والهدايَةِ والتوفيق.
سًعداء رغم كل شيء، ولو أنا تفكرنا من حَولنا، وألقينا نظرة على عالم الوجود، لرأينا أن ما فيه يدعو إلى التفاؤل، فشروقُ الشمس يؤكد ميلاد يوم جديد، وتفتح زهرة في الحقل الأخضر أشبه بتفتح أبواب الخير، والابتسامات في شفاه أطفالنا تحلق بنا إلى عَوالم من الجَمال، والصِّحة والعافية التي ننعم بها هي ذاتها الحَياة في فراديس الخلد، والشبابُ الذي نعيشه يُشعلُ فينا طاقة الإبداع والتجدِّد، واصطفاق المَوج، وتغريدُ الطيور، ورفرفة الفراشات، كله نشيدٌ حَيٌ، وموسيقى تأخذنا بنشوتها إلى أبعد مَدى.
ولم لا نكون سعداء والكون كله بموجوداته مُسَخر لخدمتنا، والتوفيق حليفُ كل متفائل، لذلك تفائلوا بالأشياء تجدوها، تفاؤلوا بالسَّعادة، والصِّحة والنشاط والحيوية، فهي أعز ما يملك الإنسان، وأثمن حصاد العمر.

إن السَّعادة لن تطرق أبوابنا ما لم نمَهِّد لها الطريق كي تتسلل إلى داخلنا، وتسكن وجداننابحسِّها الحَميمي، فنحن مَن يَصنعُ السَّعادة، هي صِناعة وجدانية وروحية، نحن من يغرسها مثلما نغرسُ شتلة الورد في الحقل، ونحن مَن يغذيها بمَاء المشاعر، مثلما تتغذى الوردة بالندى في الصَّباح الباكر، وخطؤنا أننا نبحث عن السَّعادة بين الكواكب وأعماق المَجَرات، فيما هي ملقاة على عتبات منازلنا، ومُستقرة بوداعَة في جوانحِنا، هي معنا ومن حولنا، تلوحُ من عيون اصدقائناوأحبتنا، وهي في صَحونا تزحَف كعقربي السَّاعة بلا توقف، هي في نومنا تحرسنا من طوارق الليل،فقط أن نصحو وننام على ذكر الله، حينها ستهبُّ علينا نسائم السَّعادة، وستنطفئ الجَحيم.
كلُّ يوم ونحن سُعداء، نستيقظ على أمل وتفاؤل، بقلوب ملؤها المَحَبَّة والرضا، وندعو ألله أنيفتحَ لنا أبواب حكمته، وينشر علينا أثواب رحمته، ولا تأسف كثيرا على فرص أضعتها، لأنها ليست من نصيبك، واطو صفحات الأمس، لأنها انفلتت من عمرك، حينها ستتلاشى الأوهام الجاثمة على صدرك، وستزفرُ سوادها من الأعماق، حتى لا يبقى منها شيئا، يبقى بياض قناعتك أنك حتما سعيد رغم كل شيء، وحتما أيضا أن الناجح في حياته سعيد جدا.